فضة بنت المنذر ( الحلقة الثانية )

كما أن فضة بحكم أن لديها كثير من الإخوة، فقد تعلمت منهم ركوب الخيل، و برعت في المبارزة بالسيوف، و كانت تطلب من والدها أن يدعها تحظر المبارزات عند مباغتة الصعاليك، و الحروب التي كانت تنشب بين القبائل المعادية، كان والدها يرفض لها ذلك، و يلومها كونها كانت لا تشبه فتيات القبيلة في اهتماتم، لكنها كانت مولعة بالمبارزة و تحدي الصعاب، على عكس فتيات القبيلة، فعرفت بشجاعتها و حبها للمجازفة لذا لقبت ب فضة قاهرة الصحراء٠

ترعرعت بين أقرانها و إخوانها الذكور، و كانت لها معزة خاصة عند والدها المنذر، فكثيرا ما كان يغتاض أخواتها من ذلك الحب الخاص الذي كان يكنه لها والدها٠

و تمر الأيام و تكبر الفتاة، في محيط ملؤه المودة و المحبة و المآزرة من قبل خلانها٠

كما أنها كانت تحب اللباس الخاص بالمبارزة، فلم تكن تتوقف عن التدريب مع إخوانها، و تحضر معهم كذلك عند صيد الضباع، فقد تعودت فعل ما يقوم به الذكور، و هذا ما لم يكن يعجب ابن عمها العباس، فكم من مرة كان يحذرها و يقول لها أن تبتعد عن هذه الأفعال، فهي في الأخير ستتزوج به و ستمكث في البيت، و تقوم  بما تقوم به الفتيات في الربع٠

و من بين إخوانها الذكور الذين كانت تأنس إليهم و تصاحبهم هما قيس و زيد و، فقد كانا من نفس العمر، و كانا يحبانها حبا كبيرا، و كان ثلاثتهم لا يفترقون، سواء في المبارزات ، فقد تعلمت على يديهما، و في الصيد فكانت ترافقهما و تحب رفقتهما٠

و تبلغ فضة سن الزواج، فيتقدم لطلبها لإبنه عمها، و يقول

المذفر: ها قد أينع عود ابنتك فضة، و صار ابني العباس في كامل رجولته، و لإن العهد الذي أخذناه في الماضي قد حان تحقيقه،و إني أعيد طلب يدها لابني العباس٠

المنذر: لقد صدقت يا أخي، لقد تعاهدنا أن يكونا لبعضهما، لكني أخشى أن نكون أخطأنا في ذلك، و أرجعنا الحكم لكل واحد منهما٠

فينتفض المذفر من مكانه، و يقول بلهجة حادة

المذفر: أتتراجع عن كلامك يا أخي، فالعربي الأصيل لا يحيد عن عهد و لا يرجع عن كلمة

فلا يجد المنذر ما يجيبه إلا أن يقول

المنذز: أتشك في أصالتي يا أخي، إني أردت أن أرجع الحكم لهما، فلربما واحد منهما لا يسره ذلك٠

المذفر: من جهتي فإن إبني لا يزال يكن المودة لابنتك، و هو جاهز لهذآ  الارتباط٠

فيقول المنذر

المنذر: لكني لا أدري إن كانت إبنتي تميل لابن عمها، و إني أفضل أن أستشيرها في ذلك٠

المذفر: دعك من هذا، و لتفرح لزواج فضة من ابني العباس، و لتعد كل ما يلزم للفرح ٠

فيكضم المنذر غيضه و لا يقول أي شيء، و يومئ برأسه أنه قد وافق على ذلك٠

بعد ذلك، أعلم المنذر إبنته فضة برغبة إبن عمها العباس بعقد القران و الدخول بها، فلم تتمالك نفسها و ذرفت الدموع، و أخبرته أنها غير راغبة بالزواج به أو بغيره أصلا بأي من كان، لكن أباها أصر على هذا الموضوع بالرغم من رفضها، لكنه لا يستطيع أن يتراجع عن عهده مع أخيه، و إلا كان هناك عداوة بين العائلتين٠

و أخبرها أن تعد نفسها ليوم العرس٠

[size=16]تغير حال فضة، و حزنت حزنآ شديدا على هذا المصير، و أخبرت إخوتها أنها ستنتحر إن أرغموها على ذلك، لكن لم يسمع لتوسلاتها أحد من إخوانها سوى إثنين منهما كان قريبين منها و يحبانها حبا شديدا، و هما زيد و قيس، هما من أقرانها، و كانت قريبة منهما، فاخبراها ألا تقلق، و سيحاولان إقناع ابن عمها عن العدول عن هذا الزواج، لكن و لسوء الحظ، لم يتمكنا من إقناعه، و بقي متمسكا بريه، و خابت كل المساعي لابطال هذه الزيجة٠[/size]