مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الثالثة )
صفحة 1 من اصل 1
مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الثالثة )
كان ذلك الشاب يدعي جو، و السفينة كانت ملكا للقبطان المدعو فيليب، كان كهلا في الخمسين، و حرص على تعليم جو منذ أن كان صغيرا أمور البحر، فقد أرسله أبوه إليه و طلب منه أن يعتني به٠
كان جو أشقرا ذو شعر أصفر مرسل و عيون خضراء خلابة، و وجه مليح يميل إلى الحمرة بحكم أنه
كان لا يفارق البحر، حاول الشاب الإقتراب من الفتاة و الحديث معها، لكن تبين أنهما ليسا رومانيين مثلهم، و استغرب ملامحها و كونها بيضاء البشرة، فحسب ظنه أن البربر هم أفارقة، و لذلك كان بالأجدر أن تكون صمراء٠
إقترب منها و حاول أن يكلمها، لكن لم تفهم عباراته، وأصبحت تضحك و تقول له أنها لم تفهم و لا كلمة من قوله٠
أخبرهم القبطان فليب أنهم بحارة مثلهم، و كانوا عازمين على الذهاب إلى حدود القارة السمراء لابتياع بعض التوابل لأحد التجار الذي طلب منهم ذلك، فأخبرهم كسيلة أن بلاد المغرب المجاورة لهم، تملك توابل رائعة، و هم يجلبونها من هناك، فأخبره القبطان فليب أنهم كانوا ذاهبين باتجاه مصر بحكم أنها كانت في ذلك الوقت معروفة بنشاطتها التجارية، فقال له كسيله أنه من الأحسن أن ينقص على نفسه عناء السفر ما دام قريبا من بلاد المغرب، و كذلك دعاه إلى أنه له معارف هناك و سيحاول أن يطوف به في الأسواق ليشتري ما يريد من السلع، فأجابه أنه يوافقه الأمر٠فتأهب الجميع للذهاب إلى بلاد المغرب٠
و مضت السفينة، و ما هي إلا ساعات حتى لاحت بلاد المغرب في الأفق، و فرح الجميع بالوصول إليها سالمين٠
و بانت من تصرفات جو مع مرجانة أنه قد وقع في الغرام، فغمزه القبطان فليب و أخبره أنه علم بأمره، فعليه أن يحطاط فهم ليسوا من جلدتهم، و المرجح أن والدها لن يغامر و يعطيها له بحكم كونهما من عالمين مختلفين،لكن ما العمل و نيران الحب قد اشتعلت بقلب الفتى٠
ما إن حط البحارة بمرافئ بلاد المغرب، اتجهوا مباشرة إلى السوق، فكان مكتظا وساروا بصعوبة بين أرجائه، فطلب منهم القبطان فليب أن يفترقوا إلي مجموعات صغيرة و يلتقوا بعد ذلك قرب المرفئ٠
سارا القبطانين سويا، و معهم بحارين، مرجانة و جو ، لم يفارقها هذا الأخير طوال المشوار، إلى أن وصلوا إحدى المتاجر،كان صاحبها حاويا يبيع بهارات و خلطات و أشياء غريبة، توقف جو عنده و اسفسر عن تلك السلع التي كان يبيعها، فكانت هناك حروز و قلائد و أشياء أخرى٠
فأخذ جو إحدى القلادات الفضية، و كان معلقاعليها بروش بشكل يد، فاشتراها و قدمها كهدية لمرجانة، رفضت بكل أدب لكن أصر على أن تأخذها، فلم تمانع، و بدأت تحس بانجذابه نحوها، لكن قالت في قرارة نفسها أنها مجرد أوهام، و لا يمكن لشاب روماني أن يتعلق بفتاة أمازيغية، و لكن هي كذلك قد مالت له و استلطفته، و لم تكن تعلم أن حبال الحب قد تعلقت بها، و يصبح الاستلطاف بعد ذلك عشقا و ولها، خاصة و أنه أظهر ذلك في كل مرة منذ التقت به، و القلادة التي تحوي يدا ليفكرها بلحظة لقائهما و تقابل يديهما عندما أنقضها من الغرق٠
سارت الجماعة حتى بلغوا دكانا،و وجدوا فيه التاجر الذي يعرفه كسيلة،فرحب بصديقه و طلب منه أن يعرفه بالجماعة، فحكى له كل القصة، فهنأه على النجاة، و من ثم إبتاعوا التوابل من عنده، بعد ذلك
دعاهم إلى بيته،فأخبروه أنهم مستعجلين و ليسوا وحدهم، و أن جماعة أخرى تنتظرهم في المرفئ٠
قال لهم التاجر و كان يدعى لقمان بأنه لا داعي للعجلة، و وأنه يدعوهم للغذاء في بيته، ثم لهم بعد ذلك الرحيل، فأجابوا دعوته، و طلب القبطان فليب من أحد البحاين أن يرجع و يخبر الآخرين أن ينتظرونهم٠
ذهبوا إلي بيت لقمان، ما إن وصلوا إستقبلتهم زوجته و كانت تدعى زليخة،إقتربت من مرجانة و أعجبت بجمالها، فأدخلتها إلى المطبخ، و أصبحت تروي لها عن طرق تقديم الأطباق المغربية و تتبيلها، و سألتها هل هي مشابهة لأطباق الأمازيغ، فأخبرتها مرجانة أنها ماهرة في طهي أطباق السمك بحكم أنها الأكلة المتداولة عندهم لقربهم من البحر و تعودهم على أكله٠
وصلت ساعة الغذاء، و اجتمع الجميع على طاولة الأكل، و كان طبق الكسكسي بالخضر و اللحم هو الطبق الرئيسي، فأثنى البحارة الرومان على تلك الأكلات ، فأخبرهم لقمان أن المرق معمول من التوابل التي يبيعها ففرحوا كثيرا، و بعد انتهائهم من الأكل ، غادر القبطانين ومن معهم و اتجهوا نحو السفينة٠
و ها هي لحظة الوداع تقترب ،و ما أصعبها على جو الذي تعلق قلبه بمرجانة، و أصبح من المستحيل إن يحس أنها ستصبح بعيدة عنه، فخمن في باله و أراد أن يحاول أن يقنع القبطان فليب من إبقائهم معه، فقال له أن يخبرهم أنهم ذاهبون في رحلة بحرية بهدف الصيد، و هل يمكن أن يرافقوهم و هكذا مكن أن يعوضوا ما خسروه، و عند بلوغهم إلى روما يعرف أناسا ماهرين في صناعة السفن، يمكن أن يبتاع منهم سفينة تليق به، و أنها ستكون هدية منه إليه، كونه قد أحبه و استأنس رفقته، و أنه يملك من المال ما يمكن أن يشتري له سفينة، فقال له كسيلة أنه جد ممتن، و أنه لا يستطيع أن يقبل مثل هذه الهدية، و أنه بالمقابل سيعمل أجيرا عنده، هو و من معه حتى يتمكنوا من تسديد ثمن السفينة٠
فزادت فرحة جو، لأنه ستطول مدة مكوثهم ، و سيصبح قريبا من حبيبته مرجانة٠
بدأت الرحلة باتجاه روما، و اغتبط الجميع كون أن الأجواء كانت ملائمة للإبحار، إن البلدين يقعين في قارتين متجاورتين، لذ لم يكن الخوف من طول المسافة، لكن من قراصنة البحر المنتشرة هنا و هناك، سواء كانوا من دول أوروبا أو من دول المغرب، إنطلقت السفينة عند الصبح الموالي، وكانت أشعة الشمس تلامس المياه معطيا رونقا جميلا و بهاء مميزا للمكان٠
عند وصوهم عرض البحر، ألقيت المشابك لاصطياد السمك، و كم كان الصيد وفيرا، ففرح الجميع لهذا الكم من السمك،و تعجب البحارة الرومان من أنهماك مرجانة في شد الشباك و مهارتها في فنون الصيد، و هذا ما زاد في تعلق جو بمرجانة و حبه لها، ففي كل مرة كان يختلس النظر إليها علها تجود له بابتسامة تثلج صدره المولوع٠
Amani Karam- مشرفة
- عدد المساهمات : 84
تاريخ الميلاد : 10/06/1982
تاريخ التسجيل : 02/12/2014
العمل/الترفيه : lire et écrire
مواضيع مماثلة
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الثانية )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الرابعة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الخامسة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة السادسة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة السابعة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الرابعة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة الخامسة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة السادسة )
» مرجانة و جزيرة القراصنة ( الحلقة السابعة )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى