مملكة نوميديا بالجزائر في المغرب القديم
2 مشترك
الإدارة المدرسية لكل الأطوار التعليمية :: ~*¤ô§ô¤*~ 00*لإدارة العامة *00 ~*¤ô§ô¤*~ :: منتدى البحوث التربوية والادارية
صفحة 1 من اصل 1
مملكة نوميديا بالجزائر في المغرب القديم
مملكة نوميديا بالجزائر في المغرب القديم
ليس لدينا من المصادر التاريخية الكافية التي تثبت بالضبط دخول بلاد المغرب في التاريخ ( ) وعن وجود كيان سياسي مغربي مكتمل الشروط قبل ظهور قرطاجة، باستثناء أسطورة عليسة( ) التي تشير إلى وجود نوع من التنظيم السياسي المغربي في أواخر القرن التاسع قبل الميلاد، وأن الفترة التي ظهر فيها نظام سياسي وطني ببلاد المغرب تعود إلى القرن الثالث للميلاد، وأنه لا يرجح أن تكون هناك مماليك سابقة لمملكة نوميديا التي ظهرت في هذا القرن بشطريها الشرقية (الماسيل) والغربية (المازسيل)( ).
فنوميديا الشرقية تشير أغلب الكتابات أن موطنها كان يشغل شرق، وغرب تونس الحالية، كانت تنحصر ما بين أراضي القرطاجين شرقاً ومواطن المازسيل غرباً، وقبائل الجيتول( ) جنوباً وهي تنسب إلى قبائل الماسيل، الذي أعتبر أن الملك إيليماس Yelmase أقدم ملكاً لها، والذي بدوره حالف أغاتوكليسAgathocles الإغريقي الذي غزي السواحل القرطاجية عام 310 ق.م( ).
أما مملكة نوميديا الغربية نسبة إلى قبائل المازسيل الذين ظهروا كقوة في إفريقيا أواخر القرن الثالث قبل الميلاد وأوائل القرن الثاني قبل الميلاد الذي كان على رأسهم آنذاك الملك سيفاقس Syphex، وبسبب نقص المستندات يصعب تحديد موطنها بدقة( )، إلا أن سترابون Strabon الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد يؤكد أن مملكة المازسيل كانت تمتد على رقعة واسعة من واد الملوية غرباً إلى رأس تريتون شرقاً( ).
وبهذا يمكن أن نحدد الإقليم الذي تربعت عليه نوميديا والذي قد امتد فيما بين إقليم قرطاجة شرقاً ومملكة المور غرباً ( )، وتبعاً لذلك يمكن اعتبار الوادي الكبير الحد الشرقي لمملكة نوميديا وواد الملوية حدها الغربي، ومن الجنوب كانت تحدها الجيتول ويذكر سترابون Strabon أن سكان نوميديا سميو بنومادس لأنهم كانوا بدو رحل( ).
لقد احتفظ لنا التاريخ بعض ما سجله عن هاتين المملكتين خاصة فيما يتعلق بالصراع الذي نشب بينهم، الذي كان من ورائه الصراع الروماني القرطاجي( )، حيث ترجع هذه الخلافات السياسية بين النومديين والتي نشبت بين خلفاء غاياGaya إلى التدخلات القرطاجية والرومانية خدمة لأهدافهم في المنطقة( ).
ويبدو أن أبرز عامل ساعد على نمو الخلاف بين مملكتي نوميديا الشرقية والغربية يتمثل بالدرجة الأولى في كون قرطاجة لم تكن متساوية في استمالة المملكتين حيث تحول اهتمامها عقب الحرب البونية الأولى 263 -241ق.م، والتي خرجت منها مهزومة إلى استمالة المملكة النوميدية الغربية وتحسين علاقتها مع ملكها سيفاقس Syphex بحكم استراتيجيتها الجديدة، وموقع مملكتها من شبه جزيرة إيبيريا، التي كانت جيوشها تعسكر فيها استعدادا للحرب البونية الثانية 218- 202ق.م، وأن المازسيليين كانوا يكونون جزءا كبيراً من الجيش القرطاجي بإسبانيا وبلاد المغرب القديم، ولكن لم تستمر علاقة الصداقة بين قرطاجة وسيفاقس Syphex بعدما قام غاياGaya ملك نوميديا الشرقية بإعلان الحرب ضد قرطاجة عام 220 ق.م( ) لأسباب مجهولة مما جعل قرطاجة تعمل على استمالته والتحالف معه، وهذا ما أدى إلى رد فعل من جانب الملك سيفاقس Syphex الذي أعلن بدوره الحرب عليها، ولم يستمر الخلاف المشار إليه طويلاً ذلك أن
قرطاجة أدركت خطأ سياستها إتجاه سيفاقس Syphex ،لأنه بدأ يميل نحو أعدائها الرومان فحاولت التقرب منه فزوجته بالأميرة صوفونيزباSophonisbe ( ) بنت القائد القرطاجي أدربعل( ) Hasdrubal .
وهيأت هذه الأهداف فرصة ثمينة لروما كي تتدخل ، وذلك عندما كلفت قائد جيشها في شبه جزيرة إيبيريا بإجراء اتصالات مع سيفاقس Syphex في شأن التحالف معه ضد الملك غاياGaya ، وقرطاجة سنة 213 ق.م( ).
ونجح المفاوضون الرومان في مهمتهم المتمثلة في استمالة الملك سيفاقس Syphex الذي تحول إلى صف الرومان حسب ما ذكره المؤرخ الروماني تيت-ليف Tite-live( ) .لقد كان أول اصطدام لسيفاقس Syphex مع الأمير ماسينيسا Masinissa عندما كان هذا الأخير بإسبانيا يقاتل إلى جانب القرطاجيين على رأس الفرسان النومديين وكان ذلك منذ عام 212 ق.م بإيعاز من أبيه غاياGaya .
ولقد ذكرنا سابقا في قضية تزويج صوفونيزباSophonisbe بسيفاقس التي كان القرطاجيون ينتظرون من ورائها تحقيق النجاح بتوحيد المملكتين النوميديتين، وتوحيد القوة معها في جبهة سياسية ضد الرومان التي أثارت مشاعر الأمير ماسينيسا Masinissa، وقد زاد في تعميق المشكلة وفاة الملك غاياGaya عام207ق.م، وما تلاه من نزاع على وراثة العرش وتدخل كل من قرطاجة والملك سيفاقس Syphex في هذا النزاع، حيث وبعد وفاة غاياGaya لم يخلفه ابنه ماسينيسا Masinissa، وإنما انتقل العرش إلى عمه أوزلاكن Ozelagen شقيق الملك المتوفى وفق ما يقتضيه العرف النوميدي وبعد وفاة هذا الأخير الطاعن في السن خلفه ابنه كابوساCapusa كان ضعيفاً وعديم الجاه( ) فاستغل مازيتول Mazietulli( )
ضعفه وأطاح به، وحتى لا ينكشف أمره تعلل بأنه إنما قام بذلك لصالح لاكومازن Lacumezen، وهو الأخ الصغير لكابوساCapusa ، هذا الأخير كان قد ترك قادس بشبه الجزيرة الأيبيرية مستعينا بملك موريتانيا للوصول إلى ماسيليا( ) هذه الأخيرة كان يؤول حكمها إلى ماسينيسا Masinissa الموجود آنذاك باسبانيا يحارب إلى جانب قرطاجة وعندما علم بمقتل كابوساCapusa وتولي لاكومازن Lacumezen الحكم بالإضافة إلى أنه قد تبين له بأن لقرطاجة و سيفاقس Syphex يداً فيما حدث فسعى إلى التحالف مع الرومان والتقرب من القائد الروماني سكيبيو Scepion الذي كان بدوره بحاجة إلى حليف لتدعيم سياسته في إفريقيا.
وبهزيمة سيفاقس Syphex أمام ماسينيسا Masinissa في معركة سيرتا Cirta عام 203 ق.م، اعترفت روما بهذا الأخير ملكا على نوميديا، وبعد هزيمة قرطاجة في معركة زاما عام 202ق.م، جاءت معاهدة عام 201ق.م لتكبل قرطاجة وتثبت حق ماسينيسا Masinissa لوراثة عرشه في الحكم( ). وكان من بين شروط هذه المعاهدة شرطان، أولا : أن تلتزم قرطاجة بعدم خوض غمار أية حرب في إفريقيا أو خارجها دون موافقة روما مسبقاً، والشرط الثاني هو أن ترد قرطاجة إلى ماسينيسا Masinissa كل الممتلكات التي كانت في حوزة أسلافه، مما أدى إلى تحديد قطاع قرطاجة لمساحة ترجع بها إلى بداية مرحلة استقرار الفينيقيين في المغرب( )، إذ أصبح ماسينيسا Masinissa يتوسع على حساب قرطاجة في جميع المجالات، وكانت تشتكي هذه الأخيرة ماسينيسا Masinissa إلى روما في اعتداءات عند مجلس السناتو فيغض المجلس الطرف وإما كان يصدر قراراً لصالح ماسينيسا Masinissa ( ).
وقد كان من شأن اعتراف الرومان بماسينيسا Masinissa ملكاً على نوميديا بمقتضي معاهدة زاما أن أصبح سيد كامل نوميديا الوحدة من واد الملوية إلى السرت الكبير، ويذكر المؤرخ
الروماني تيت- ليف Tite-Live بأن القائد الروماني قد أسند مسؤولية مدينة سرتا Cirtaوبقية المدن النوميدية إلى ماسينيسا Masinissa منها التي كان يشرف عليها قبل ذلك الملك سيفاقس Syphex( ).
ومن ناحية أخرى حرص الملك ماسينيسا Masinissa على كسب ثقة الرومان وتأكيداً لإخلاصه أرسل في عام 170ق.م ابنه غلوسا Gulussa لمساندة الرومان وفي عام 168ق.م أرسل كذلك ابنه ماسغابا Masgaba لمساعدة الرومان في الحرب المقدونية الثالثة( ).
بالإضافة إلى هذا فقد قام ماسينيسا Masinissa بمتابعة توسعاته على حساب قرطاجة باقتحام سهل الجفارة بعد دخوله إلى طرابلس عنوة بحجة مطاردة ثائر هرب إلى برقة( )، وقد بلغ عدد المدن التي استولى عليها ماسينيسا Masinissa آنذاك حوالي سبعين مدينة، وهذا عدد غير مسلم به نظراً لقصر مدة الغزو( )، ولكن هذه التوسعات أثارت مخاوف الرومان وهذا ما كان وراء تدخلها سنة 149ق.م بهدف وضع حد لطموحات ماسينيسا Masinissa وهذا تاريخ بداية الحرب البونية الثالثة 149- 146ق.م التي انتهت بتدمير قرطاجة ولكن الذي كان الباعث الحقيقي على دخول الرومان هذه الحرب تخوفهم من قرطاجة وكذلك من ماسينيسا Masinissa وهذا ما أدى بتدخلهم للقضاء على قرطاجة قضاءاً مبرما يحول دون أن يجني ماسينيسا Masinissa ثمار انتصاره الأخير في عام 150ق.م، وانفردت القوة الرومانية بالسيادة على هذه المنطقة بعد القضاء عليها( ).
ورغم النهاية الحاسمة التي انتهت بها النزاعات بين المماليك المغاربية بدعم من القوى الخارجية إلا أن مشكل الخلافات حول وراثة العرش قد تجددت بين أحفاد ماسينيسا Masinissa عقب وفاة الملك مكبسا Micipca عام 118ق.م فقد ترك هذا الأخير المملكة لثلاثة ورثة: ولديه أدربعلAdherbal وهيمبصال Hiembsal اللذان اقتسما الوظائف المدنية، وابن أخيه (ابنه بالتبني) يوغرطة Jugurtha الذي استلم قيادة الجيش( ).
وقد تدخلت روما مباشرة لتسوية قضية الخلافة حيث قام حاكم ولاية إفريقيا بوكيوس –كاتون عام 118ق.م بالفصل في هذه القضية (كما فعل من قبله سكبيو الإميلي بالنسبة لخلافة ماسينيسا Masinissa عام 148ق.م)( )، وهنا تظهر خلفيات تخوف روما على مصالحها في إسناد الحكم إلى ثلاثة أشخاص وفقا لقانون الحكم الثلاثي الذي كان سائداً عند النومديين خلال تلك الفترة، وكان يمكن ليوغرطةJugurtha أن ينفرد بوراثة عرش مكيبسا Micipca، وذلك وفقاً للقوانين المحلية لدى القبائل النوميدية، والتي تمس على أن كبير العائلة هو الذي يتولي الحكم، ومن جهة أخرى كان الرومان يسعون جاهدين لأن تبقي مملكة نوميديا ممزقة يحكمها ملوك ضعاف وذلك مما يسهل لهم مهمة التدخل في شؤونها( ).
غير أن يوغرطة Jugurtha لم يلبث أن كشف للرومان عن أطماعه للإنفراد بالحكم فقام في البداية بالقضاء على ابن عمه هيمبصال Hiembsal، وأخذ يحاول تحقيق أهدافه بطرق ملتوية متخذا وسيلة المؤامرات والرشوة ( ) تارة أخرى، ولقد تم له ذلك عندما قام الورثة الثلاث باقتسام الأموال، وتحديد المناطق التي يحكم كل واحد منهم، فقتل يوغرطة Jugurtha ابن عمه هيمبصال Hiembsal الذي كان يقيم بترميدة( ) فاغتنم يوغرطة Jugurtha الفرصة وأغدق
على الفائس( ) بالوعود وتآمر معه ودخل المبني الذي كان يقيم فيه هيمبصال Hiembsal،وانتهوا بكشفه مختبئا في كوخ أمه حيث قاده الخوف، وقطعوا رأسه وحملوها إلى يوغرطة Jugurtha فأرعب هذا الحدث شقيقه أدربعل Adherbal بإبلاغ روما بمقتل أخيه، وعندما اشتبك مع يوغرطة Jugurthaفر مهزوما من ميدان المعركة، ولجأ إلى مقاطعة إفريقيا الرومانية (قرطاجة) ومن هناك إلى روما، وبعدها أصبح يوغرطة Jugurtha سيّد كامل نوميديا وحتى يكبح غضب روما أرسل إليها بعثة كبيرة مزودة بالذهب والفضة من أجل التحايل وعدم الظهور بالعداء اتجاهه( ) وأعاد الكرة ضد أدربعل Adherbal عندما حاصره في عاصمته سيرتا التي كان أغلب سكانها من التجار الإيطاليين الذين هبوا لمساعدة أدربعل Adherbal للدفاع عن المدينة إلا أنها باءت بالفشل ونصحوه بالاستسلام لابن عمه لكن ما فتئ أن فتح المدينة أمام يوغرطة Jugurthaحتى قضى عليه وعلى جميع من كان بها من النوميديين والإيطاليين( ).
وعلى إثر هذه التطورات وجدت روما نفسها وجهاً لوجه أمام خطر يوغرطة Jugurtha وبات من المؤكد لدى الرّومان أن يوغرطة Jugurtha الذي لم يتورع في ضرب الجالية الرومانية في سيرتا، فإنه لن يتردد في مواجهة الولاية الرومانية في إفريقيا من أجل السيطرة عليها وتوحيد بلاد المغرب تحت زعامته، فجهزت روما حملة عسكرية بعد محاولات مجلس الشيوخ الروماني، وأبحرت الحملة الرومانية بقيادة القنصل كالبورينوس باستيا Calporinus-Bastia ولكن هذا الأخير أقنعه يوغرطة Jugurtha بالعدول عن القتال وعقد معه الصلح، الذي بدوره رفضه مجلس الشيوخ الروماني لأنه لم يطمئن إلى نواياه، وبعد سحب الثقة من باستيا Bastia، أعلن مجلس الشيوخ استئناف القتال لإرغام يوغرطة Jugurtha في معركة سوثول Suthul عام110ق.م( ) بعدما استطاع استدراج الجيش الروماني نحو الغرب حيث حاصره في إحدى
الليالي من جميع الجهات وخيّر قائده بين الموت وعقد الصلح والانسحاب فاختار الثانية، وقد كان لمعاهدة الصلح التي عقدت بين أولوس و يوغرطة رد فعل شديد لروما .
فبعد أن رأت مدى براعته وشجاعته في الدفاع عن نوميديا، عينت على رأس جيش إفريقيا شخص يدعى ميتيلوس Metulus فأحرز هذا الأخير انتصارا على يوغرطة Jugurtha في معركة راس عام 109ق.م، وأصاب قوة جيشه بوهن وانتهت الحرب على يد ماريوسMarius عام 106ق.م بعد معارك ضارية تمكن في آخرها المساعد سيلا Sylla من القبض على يوغرطة Jugurtha ( )، وذلك بفضل أحبولة المفاوضات التي لجأ من ورائها الرّومان إلى التحالف مع بوخوس Bocchus (ملك موريطانيا) ضد يوغرطة مقابل وعود بمنحه أراضي جديدة لتوسيع حدود مملكته ( )، حيث استطاع سيلا Sylla بفضل عبقريته العسكرية والسياسية أن يدبر مؤامرة لإلقاء القبض على الملك يوغرطة Jugurtha سنة 150ق.م( )، والتي حاك خيوطها مع الملك الموريتاني بوخوس Bocchus، الذي أدرك أن كفة ميزان القوة لصالح روما وخوفا من ذلك استسلم لرأي الرومان، وألقى القبض على صهره يوغرطةJugurtha، وسلمه للرومان غير عابئ بعلاقة القرابة والجوار والمصير المشترك( ).
ولقد كان بإمكان روما أن تعلن نوميديا المهزومة إقليما رومانياً مثلما فعلت في إقليم قرطاجة عام 146ق.م، لكن بدلا من ذلك رتبت الأوضاع بصورة ضمنت نفوذها بالمنطقة والتحكم في زمام الأمر عن طريق إبقاء عرش المملكة قائما على جزء من ترابها حيث شهدت مملكة نوميديا بعد موت يوغرطةJugurtha تنصيب غوداGauda شقيقه على الجزء الشرقي من نوميديا، ومنح ثلثها الغربي لبوخوس Bocchus مكافئة على خدماته لهم أما الثلث المتبقي من نوميديا فأمره يكتنفه الغموض، وهناك بعض الإشارات تذكر مملكة تحت اسم ماستانيزوزوس Mastanesosus التي اعتبرها البعض بأنها مملكة وقائية غير أن ظروف قيام هذه المملكة لا تزال مجهولة، وبهذه التجزئة السياسية للمملكة النوميدية اطمأنت روما من خطر الوحدة( ).
وأصبحت نوميديا بعد هذه الإجراءات الحاسمة تتأثر بمجريات الأحداث السياسية وتقلبات الوضع في روما لأنها كانت تعتبر في نظر الاتجاه الديمقراطي (حزب العامة) جزءاً مكملاً لولاية روما الإفريقية لم يحن الوقت بعد لإفتكاك زمام أمرها من الأسرة النوميدية.
ومن الأمثلة الخاصة بالصراع السياسي الروماني ما حدث بين حزب الاتجاه الأرستقراطي المحافظ Oplemates، الذي تزعمه القائد بومبيوس Pompeuis( ) والاتجاه الشعبي Populates الذي حمل لوائه يوليوس قيصر J-César( )، حيث نجد أن مملكة نوميديا إلى جانب الأرستقراطيين وذلك راجع إلى عدة أسباب نذكر منها ملك نوميديا وهو يوبا الأول Juba I كان على دراية بمطامع وأهداف قيصر Césarالتوسعية.
لكن يوبا الأول Juba Iلم يوفق في تقديراته السياسية ذلك أنه غفل عما تخفيه مملكة موريطانيا وملكها بوخوس الثاني II Bocchus الذي ما لبث أن تحالف مع يوليوس قيصر J-César الذي كان بدوره يبحث عن حليف قوي وراء يوبا الأول Juba I ليطعنه من الخلف ويرغمه على سحب جيشه ومواجهة قيصر في إفريقيا( ).
إلى جانب هذا استغل قيصر مجموعة من المرتزقة كان يرأسها شخص يدعى سيتيوسSituis وضعها في الشمال الغربي من المنطقة وذلك لغياب الجيش النوميدي الذي كان يحارب ضد قوات قيصر César في معركة تابسوس tapsus سنة 46ق.م، مما يسهل للغزاة
كسب المبادرة وتحقيق هدفهم، وهو إرغام يوبا الأول Juba I على التراجع أمام قيصرCésar.
وبهذا تحققت خطة قيصر Césarالتي كان يرمي إليها في تشتيت قوى العدو، واندثرت على إثر ذلك مملكة نوميديا ودخلت في فترة جديدة، وهي فترة العهد الروماني بعدما مرت على الذكرى الأليمة لقرطاجة مائة سنة( ).
ليس لدينا من المصادر التاريخية الكافية التي تثبت بالضبط دخول بلاد المغرب في التاريخ ( ) وعن وجود كيان سياسي مغربي مكتمل الشروط قبل ظهور قرطاجة، باستثناء أسطورة عليسة( ) التي تشير إلى وجود نوع من التنظيم السياسي المغربي في أواخر القرن التاسع قبل الميلاد، وأن الفترة التي ظهر فيها نظام سياسي وطني ببلاد المغرب تعود إلى القرن الثالث للميلاد، وأنه لا يرجح أن تكون هناك مماليك سابقة لمملكة نوميديا التي ظهرت في هذا القرن بشطريها الشرقية (الماسيل) والغربية (المازسيل)( ).
فنوميديا الشرقية تشير أغلب الكتابات أن موطنها كان يشغل شرق، وغرب تونس الحالية، كانت تنحصر ما بين أراضي القرطاجين شرقاً ومواطن المازسيل غرباً، وقبائل الجيتول( ) جنوباً وهي تنسب إلى قبائل الماسيل، الذي أعتبر أن الملك إيليماس Yelmase أقدم ملكاً لها، والذي بدوره حالف أغاتوكليسAgathocles الإغريقي الذي غزي السواحل القرطاجية عام 310 ق.م( ).
أما مملكة نوميديا الغربية نسبة إلى قبائل المازسيل الذين ظهروا كقوة في إفريقيا أواخر القرن الثالث قبل الميلاد وأوائل القرن الثاني قبل الميلاد الذي كان على رأسهم آنذاك الملك سيفاقس Syphex، وبسبب نقص المستندات يصعب تحديد موطنها بدقة( )، إلا أن سترابون Strabon الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد يؤكد أن مملكة المازسيل كانت تمتد على رقعة واسعة من واد الملوية غرباً إلى رأس تريتون شرقاً( ).
وبهذا يمكن أن نحدد الإقليم الذي تربعت عليه نوميديا والذي قد امتد فيما بين إقليم قرطاجة شرقاً ومملكة المور غرباً ( )، وتبعاً لذلك يمكن اعتبار الوادي الكبير الحد الشرقي لمملكة نوميديا وواد الملوية حدها الغربي، ومن الجنوب كانت تحدها الجيتول ويذكر سترابون Strabon أن سكان نوميديا سميو بنومادس لأنهم كانوا بدو رحل( ).
لقد احتفظ لنا التاريخ بعض ما سجله عن هاتين المملكتين خاصة فيما يتعلق بالصراع الذي نشب بينهم، الذي كان من ورائه الصراع الروماني القرطاجي( )، حيث ترجع هذه الخلافات السياسية بين النومديين والتي نشبت بين خلفاء غاياGaya إلى التدخلات القرطاجية والرومانية خدمة لأهدافهم في المنطقة( ).
ويبدو أن أبرز عامل ساعد على نمو الخلاف بين مملكتي نوميديا الشرقية والغربية يتمثل بالدرجة الأولى في كون قرطاجة لم تكن متساوية في استمالة المملكتين حيث تحول اهتمامها عقب الحرب البونية الأولى 263 -241ق.م، والتي خرجت منها مهزومة إلى استمالة المملكة النوميدية الغربية وتحسين علاقتها مع ملكها سيفاقس Syphex بحكم استراتيجيتها الجديدة، وموقع مملكتها من شبه جزيرة إيبيريا، التي كانت جيوشها تعسكر فيها استعدادا للحرب البونية الثانية 218- 202ق.م، وأن المازسيليين كانوا يكونون جزءا كبيراً من الجيش القرطاجي بإسبانيا وبلاد المغرب القديم، ولكن لم تستمر علاقة الصداقة بين قرطاجة وسيفاقس Syphex بعدما قام غاياGaya ملك نوميديا الشرقية بإعلان الحرب ضد قرطاجة عام 220 ق.م( ) لأسباب مجهولة مما جعل قرطاجة تعمل على استمالته والتحالف معه، وهذا ما أدى إلى رد فعل من جانب الملك سيفاقس Syphex الذي أعلن بدوره الحرب عليها، ولم يستمر الخلاف المشار إليه طويلاً ذلك أن
قرطاجة أدركت خطأ سياستها إتجاه سيفاقس Syphex ،لأنه بدأ يميل نحو أعدائها الرومان فحاولت التقرب منه فزوجته بالأميرة صوفونيزباSophonisbe ( ) بنت القائد القرطاجي أدربعل( ) Hasdrubal .
وهيأت هذه الأهداف فرصة ثمينة لروما كي تتدخل ، وذلك عندما كلفت قائد جيشها في شبه جزيرة إيبيريا بإجراء اتصالات مع سيفاقس Syphex في شأن التحالف معه ضد الملك غاياGaya ، وقرطاجة سنة 213 ق.م( ).
ونجح المفاوضون الرومان في مهمتهم المتمثلة في استمالة الملك سيفاقس Syphex الذي تحول إلى صف الرومان حسب ما ذكره المؤرخ الروماني تيت-ليف Tite-live( ) .لقد كان أول اصطدام لسيفاقس Syphex مع الأمير ماسينيسا Masinissa عندما كان هذا الأخير بإسبانيا يقاتل إلى جانب القرطاجيين على رأس الفرسان النومديين وكان ذلك منذ عام 212 ق.م بإيعاز من أبيه غاياGaya .
ولقد ذكرنا سابقا في قضية تزويج صوفونيزباSophonisbe بسيفاقس التي كان القرطاجيون ينتظرون من ورائها تحقيق النجاح بتوحيد المملكتين النوميديتين، وتوحيد القوة معها في جبهة سياسية ضد الرومان التي أثارت مشاعر الأمير ماسينيسا Masinissa، وقد زاد في تعميق المشكلة وفاة الملك غاياGaya عام207ق.م، وما تلاه من نزاع على وراثة العرش وتدخل كل من قرطاجة والملك سيفاقس Syphex في هذا النزاع، حيث وبعد وفاة غاياGaya لم يخلفه ابنه ماسينيسا Masinissa، وإنما انتقل العرش إلى عمه أوزلاكن Ozelagen شقيق الملك المتوفى وفق ما يقتضيه العرف النوميدي وبعد وفاة هذا الأخير الطاعن في السن خلفه ابنه كابوساCapusa كان ضعيفاً وعديم الجاه( ) فاستغل مازيتول Mazietulli( )
ضعفه وأطاح به، وحتى لا ينكشف أمره تعلل بأنه إنما قام بذلك لصالح لاكومازن Lacumezen، وهو الأخ الصغير لكابوساCapusa ، هذا الأخير كان قد ترك قادس بشبه الجزيرة الأيبيرية مستعينا بملك موريتانيا للوصول إلى ماسيليا( ) هذه الأخيرة كان يؤول حكمها إلى ماسينيسا Masinissa الموجود آنذاك باسبانيا يحارب إلى جانب قرطاجة وعندما علم بمقتل كابوساCapusa وتولي لاكومازن Lacumezen الحكم بالإضافة إلى أنه قد تبين له بأن لقرطاجة و سيفاقس Syphex يداً فيما حدث فسعى إلى التحالف مع الرومان والتقرب من القائد الروماني سكيبيو Scepion الذي كان بدوره بحاجة إلى حليف لتدعيم سياسته في إفريقيا.
وبهزيمة سيفاقس Syphex أمام ماسينيسا Masinissa في معركة سيرتا Cirta عام 203 ق.م، اعترفت روما بهذا الأخير ملكا على نوميديا، وبعد هزيمة قرطاجة في معركة زاما عام 202ق.م، جاءت معاهدة عام 201ق.م لتكبل قرطاجة وتثبت حق ماسينيسا Masinissa لوراثة عرشه في الحكم( ). وكان من بين شروط هذه المعاهدة شرطان، أولا : أن تلتزم قرطاجة بعدم خوض غمار أية حرب في إفريقيا أو خارجها دون موافقة روما مسبقاً، والشرط الثاني هو أن ترد قرطاجة إلى ماسينيسا Masinissa كل الممتلكات التي كانت في حوزة أسلافه، مما أدى إلى تحديد قطاع قرطاجة لمساحة ترجع بها إلى بداية مرحلة استقرار الفينيقيين في المغرب( )، إذ أصبح ماسينيسا Masinissa يتوسع على حساب قرطاجة في جميع المجالات، وكانت تشتكي هذه الأخيرة ماسينيسا Masinissa إلى روما في اعتداءات عند مجلس السناتو فيغض المجلس الطرف وإما كان يصدر قراراً لصالح ماسينيسا Masinissa ( ).
وقد كان من شأن اعتراف الرومان بماسينيسا Masinissa ملكاً على نوميديا بمقتضي معاهدة زاما أن أصبح سيد كامل نوميديا الوحدة من واد الملوية إلى السرت الكبير، ويذكر المؤرخ
الروماني تيت- ليف Tite-Live بأن القائد الروماني قد أسند مسؤولية مدينة سرتا Cirtaوبقية المدن النوميدية إلى ماسينيسا Masinissa منها التي كان يشرف عليها قبل ذلك الملك سيفاقس Syphex( ).
ومن ناحية أخرى حرص الملك ماسينيسا Masinissa على كسب ثقة الرومان وتأكيداً لإخلاصه أرسل في عام 170ق.م ابنه غلوسا Gulussa لمساندة الرومان وفي عام 168ق.م أرسل كذلك ابنه ماسغابا Masgaba لمساعدة الرومان في الحرب المقدونية الثالثة( ).
بالإضافة إلى هذا فقد قام ماسينيسا Masinissa بمتابعة توسعاته على حساب قرطاجة باقتحام سهل الجفارة بعد دخوله إلى طرابلس عنوة بحجة مطاردة ثائر هرب إلى برقة( )، وقد بلغ عدد المدن التي استولى عليها ماسينيسا Masinissa آنذاك حوالي سبعين مدينة، وهذا عدد غير مسلم به نظراً لقصر مدة الغزو( )، ولكن هذه التوسعات أثارت مخاوف الرومان وهذا ما كان وراء تدخلها سنة 149ق.م بهدف وضع حد لطموحات ماسينيسا Masinissa وهذا تاريخ بداية الحرب البونية الثالثة 149- 146ق.م التي انتهت بتدمير قرطاجة ولكن الذي كان الباعث الحقيقي على دخول الرومان هذه الحرب تخوفهم من قرطاجة وكذلك من ماسينيسا Masinissa وهذا ما أدى بتدخلهم للقضاء على قرطاجة قضاءاً مبرما يحول دون أن يجني ماسينيسا Masinissa ثمار انتصاره الأخير في عام 150ق.م، وانفردت القوة الرومانية بالسيادة على هذه المنطقة بعد القضاء عليها( ).
ورغم النهاية الحاسمة التي انتهت بها النزاعات بين المماليك المغاربية بدعم من القوى الخارجية إلا أن مشكل الخلافات حول وراثة العرش قد تجددت بين أحفاد ماسينيسا Masinissa عقب وفاة الملك مكبسا Micipca عام 118ق.م فقد ترك هذا الأخير المملكة لثلاثة ورثة: ولديه أدربعلAdherbal وهيمبصال Hiembsal اللذان اقتسما الوظائف المدنية، وابن أخيه (ابنه بالتبني) يوغرطة Jugurtha الذي استلم قيادة الجيش( ).
وقد تدخلت روما مباشرة لتسوية قضية الخلافة حيث قام حاكم ولاية إفريقيا بوكيوس –كاتون عام 118ق.م بالفصل في هذه القضية (كما فعل من قبله سكبيو الإميلي بالنسبة لخلافة ماسينيسا Masinissa عام 148ق.م)( )، وهنا تظهر خلفيات تخوف روما على مصالحها في إسناد الحكم إلى ثلاثة أشخاص وفقا لقانون الحكم الثلاثي الذي كان سائداً عند النومديين خلال تلك الفترة، وكان يمكن ليوغرطةJugurtha أن ينفرد بوراثة عرش مكيبسا Micipca، وذلك وفقاً للقوانين المحلية لدى القبائل النوميدية، والتي تمس على أن كبير العائلة هو الذي يتولي الحكم، ومن جهة أخرى كان الرومان يسعون جاهدين لأن تبقي مملكة نوميديا ممزقة يحكمها ملوك ضعاف وذلك مما يسهل لهم مهمة التدخل في شؤونها( ).
غير أن يوغرطة Jugurtha لم يلبث أن كشف للرومان عن أطماعه للإنفراد بالحكم فقام في البداية بالقضاء على ابن عمه هيمبصال Hiembsal، وأخذ يحاول تحقيق أهدافه بطرق ملتوية متخذا وسيلة المؤامرات والرشوة ( ) تارة أخرى، ولقد تم له ذلك عندما قام الورثة الثلاث باقتسام الأموال، وتحديد المناطق التي يحكم كل واحد منهم، فقتل يوغرطة Jugurtha ابن عمه هيمبصال Hiembsal الذي كان يقيم بترميدة( ) فاغتنم يوغرطة Jugurtha الفرصة وأغدق
على الفائس( ) بالوعود وتآمر معه ودخل المبني الذي كان يقيم فيه هيمبصال Hiembsal،وانتهوا بكشفه مختبئا في كوخ أمه حيث قاده الخوف، وقطعوا رأسه وحملوها إلى يوغرطة Jugurtha فأرعب هذا الحدث شقيقه أدربعل Adherbal بإبلاغ روما بمقتل أخيه، وعندما اشتبك مع يوغرطة Jugurthaفر مهزوما من ميدان المعركة، ولجأ إلى مقاطعة إفريقيا الرومانية (قرطاجة) ومن هناك إلى روما، وبعدها أصبح يوغرطة Jugurtha سيّد كامل نوميديا وحتى يكبح غضب روما أرسل إليها بعثة كبيرة مزودة بالذهب والفضة من أجل التحايل وعدم الظهور بالعداء اتجاهه( ) وأعاد الكرة ضد أدربعل Adherbal عندما حاصره في عاصمته سيرتا التي كان أغلب سكانها من التجار الإيطاليين الذين هبوا لمساعدة أدربعل Adherbal للدفاع عن المدينة إلا أنها باءت بالفشل ونصحوه بالاستسلام لابن عمه لكن ما فتئ أن فتح المدينة أمام يوغرطة Jugurthaحتى قضى عليه وعلى جميع من كان بها من النوميديين والإيطاليين( ).
وعلى إثر هذه التطورات وجدت روما نفسها وجهاً لوجه أمام خطر يوغرطة Jugurtha وبات من المؤكد لدى الرّومان أن يوغرطة Jugurtha الذي لم يتورع في ضرب الجالية الرومانية في سيرتا، فإنه لن يتردد في مواجهة الولاية الرومانية في إفريقيا من أجل السيطرة عليها وتوحيد بلاد المغرب تحت زعامته، فجهزت روما حملة عسكرية بعد محاولات مجلس الشيوخ الروماني، وأبحرت الحملة الرومانية بقيادة القنصل كالبورينوس باستيا Calporinus-Bastia ولكن هذا الأخير أقنعه يوغرطة Jugurtha بالعدول عن القتال وعقد معه الصلح، الذي بدوره رفضه مجلس الشيوخ الروماني لأنه لم يطمئن إلى نواياه، وبعد سحب الثقة من باستيا Bastia، أعلن مجلس الشيوخ استئناف القتال لإرغام يوغرطة Jugurtha في معركة سوثول Suthul عام110ق.م( ) بعدما استطاع استدراج الجيش الروماني نحو الغرب حيث حاصره في إحدى
الليالي من جميع الجهات وخيّر قائده بين الموت وعقد الصلح والانسحاب فاختار الثانية، وقد كان لمعاهدة الصلح التي عقدت بين أولوس و يوغرطة رد فعل شديد لروما .
فبعد أن رأت مدى براعته وشجاعته في الدفاع عن نوميديا، عينت على رأس جيش إفريقيا شخص يدعى ميتيلوس Metulus فأحرز هذا الأخير انتصارا على يوغرطة Jugurtha في معركة راس عام 109ق.م، وأصاب قوة جيشه بوهن وانتهت الحرب على يد ماريوسMarius عام 106ق.م بعد معارك ضارية تمكن في آخرها المساعد سيلا Sylla من القبض على يوغرطة Jugurtha ( )، وذلك بفضل أحبولة المفاوضات التي لجأ من ورائها الرّومان إلى التحالف مع بوخوس Bocchus (ملك موريطانيا) ضد يوغرطة مقابل وعود بمنحه أراضي جديدة لتوسيع حدود مملكته ( )، حيث استطاع سيلا Sylla بفضل عبقريته العسكرية والسياسية أن يدبر مؤامرة لإلقاء القبض على الملك يوغرطة Jugurtha سنة 150ق.م( )، والتي حاك خيوطها مع الملك الموريتاني بوخوس Bocchus، الذي أدرك أن كفة ميزان القوة لصالح روما وخوفا من ذلك استسلم لرأي الرومان، وألقى القبض على صهره يوغرطةJugurtha، وسلمه للرومان غير عابئ بعلاقة القرابة والجوار والمصير المشترك( ).
ولقد كان بإمكان روما أن تعلن نوميديا المهزومة إقليما رومانياً مثلما فعلت في إقليم قرطاجة عام 146ق.م، لكن بدلا من ذلك رتبت الأوضاع بصورة ضمنت نفوذها بالمنطقة والتحكم في زمام الأمر عن طريق إبقاء عرش المملكة قائما على جزء من ترابها حيث شهدت مملكة نوميديا بعد موت يوغرطةJugurtha تنصيب غوداGauda شقيقه على الجزء الشرقي من نوميديا، ومنح ثلثها الغربي لبوخوس Bocchus مكافئة على خدماته لهم أما الثلث المتبقي من نوميديا فأمره يكتنفه الغموض، وهناك بعض الإشارات تذكر مملكة تحت اسم ماستانيزوزوس Mastanesosus التي اعتبرها البعض بأنها مملكة وقائية غير أن ظروف قيام هذه المملكة لا تزال مجهولة، وبهذه التجزئة السياسية للمملكة النوميدية اطمأنت روما من خطر الوحدة( ).
وأصبحت نوميديا بعد هذه الإجراءات الحاسمة تتأثر بمجريات الأحداث السياسية وتقلبات الوضع في روما لأنها كانت تعتبر في نظر الاتجاه الديمقراطي (حزب العامة) جزءاً مكملاً لولاية روما الإفريقية لم يحن الوقت بعد لإفتكاك زمام أمرها من الأسرة النوميدية.
ومن الأمثلة الخاصة بالصراع السياسي الروماني ما حدث بين حزب الاتجاه الأرستقراطي المحافظ Oplemates، الذي تزعمه القائد بومبيوس Pompeuis( ) والاتجاه الشعبي Populates الذي حمل لوائه يوليوس قيصر J-César( )، حيث نجد أن مملكة نوميديا إلى جانب الأرستقراطيين وذلك راجع إلى عدة أسباب نذكر منها ملك نوميديا وهو يوبا الأول Juba I كان على دراية بمطامع وأهداف قيصر Césarالتوسعية.
لكن يوبا الأول Juba Iلم يوفق في تقديراته السياسية ذلك أنه غفل عما تخفيه مملكة موريطانيا وملكها بوخوس الثاني II Bocchus الذي ما لبث أن تحالف مع يوليوس قيصر J-César الذي كان بدوره يبحث عن حليف قوي وراء يوبا الأول Juba I ليطعنه من الخلف ويرغمه على سحب جيشه ومواجهة قيصر في إفريقيا( ).
إلى جانب هذا استغل قيصر مجموعة من المرتزقة كان يرأسها شخص يدعى سيتيوسSituis وضعها في الشمال الغربي من المنطقة وذلك لغياب الجيش النوميدي الذي كان يحارب ضد قوات قيصر César في معركة تابسوس tapsus سنة 46ق.م، مما يسهل للغزاة
كسب المبادرة وتحقيق هدفهم، وهو إرغام يوبا الأول Juba I على التراجع أمام قيصرCésar.
وبهذا تحققت خطة قيصر Césarالتي كان يرمي إليها في تشتيت قوى العدو، واندثرت على إثر ذلك مملكة نوميديا ودخلت في فترة جديدة، وهي فترة العهد الروماني بعدما مرت على الذكرى الأليمة لقرطاجة مائة سنة( ).
رد: مملكة نوميديا بالجزائر في المغرب القديم
شكراااااااااااااااااااااااااااا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
smahane- نواب الادارة
- عدد المساهمات : 353
تاريخ التسجيل : 24/12/2010
الموقع : http://linda.forumalgerie.net/
العمل/الترفيه : المطالعة
مواضيع مماثلة
» تاريخ تأسيس نوميديا
» مواقع قطاع التربية و التعليم بالجزائر
» منتدى موظفي المصالح الاقتصادية لمختلف القطاعات بالجزائر
» التصنيف القديم الجديد
» وزارة التربية الوطنية تلغي التسجيل في بكالوريا النظام القديم
» مواقع قطاع التربية و التعليم بالجزائر
» منتدى موظفي المصالح الاقتصادية لمختلف القطاعات بالجزائر
» التصنيف القديم الجديد
» وزارة التربية الوطنية تلغي التسجيل في بكالوريا النظام القديم
الإدارة المدرسية لكل الأطوار التعليمية :: ~*¤ô§ô¤*~ 00*لإدارة العامة *00 ~*¤ô§ô¤*~ :: منتدى البحوث التربوية والادارية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى